سورة الرعد - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


{وَللَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِى السموات والأرض طَوْعًا وَكَرْهًا} يحتمل أن يكون السجود على حقيقته فإنه يسجد له الملائكة والمؤمنون من الثقلين، طوعاً حالتي الشدة والرخاء والكفرة كرهاً حال الشدة والضرورة. {وظلالهم} بالعرض وأن يراد به انقيادهم لإِحداث ما أراده منهم شاؤوا أو كرهوا، وانقياد ظلالهم لتصريفه إياها بالمد والتقليص وانتصاب {طَوْعًا وَكَرْهًا} بالحال أو العلة وقوله: {بالغدو والآصال} ظرف ل {يَسْجُدُ} والمراد بهما الدوام أو حال من الظلال، وتخصيص الوقتين لأن الظلال إنما تعظم وتكثر فيهما، والغدو جمع غداة كقنى جمع قناة، و{الآصال} جمع أصيل وهو ما بين العصر والمغرب. وقيل الغدو مصدر ويؤيده أنه قد قرئ و{الإِيصال} وهو الدخول في الأصيل.


{قُلْ مَن رَّبُّ السموات والأرض} خالقهما ومتولي أمرهما. {قُلِ الله} أجب عنهم بذلك إذ لا جواب لهم سواه، ولأنه البين الذي لا يمكن المراء فيه أو لقنهم الجواب به. {قُلْ أفاتخذتم مّن دُونِهِ} ثم ألزمهم بذلك لأن اتخاذهم منكر بعيد عن مقتضى العقل. {أَوْلِيَاءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرّاً} لا يقدرون على أن يجلبوا إليها نفعاً أو يدفعوا عنها ضراً فكيف يستطيعون إنفاع الغير ودفع الضر عنه، وهو دليل ثان على ضلالهم وفساد رأيهم في اتخاذهم أولياء رجاء أن يشفعوا لهم. {قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الأعمى والبصير} المشرك الجاهل بحقيقة العبادة والموجب لها والموحد العالم بذلك. وقيل المعبود الغافل عنكم والمعبود المطلع على أحوالكم. {أَمْ هَلْ تَسْتَوِى الظلمات والنور} الشرك والتوحيد. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر بالياء. {أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاءَ} بل أجعلوا والهمزة للإنكار وقوله: {خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ} صفة لشركاء داخلة في حكم الإِنكار. {فَتَشَابَهَ الخلق عَلَيْهِمْ} خلق الله وخلقهم، والمعنى أنهم ما اتخذوا لله شركاء خالقين مثله حتى يتشابه عليهم الخلق فيقولوا هؤلاء خلقوا كما خلق الله فاستحقوا العبادة كما استحقها، ولكنهم اتخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق فضلاً عما يقدر عليه الخالق. {قُلِ الله خالق كُلِّ شَئ} أي لا خالق غيره فيشاركه في العبادة، جعل الخلق موجب العبادة ولازم استحقاقها ثم نفاه عمن سواه ليدل على قوله: {وَهُوَ الواحد} المتوحد بالألوهية. {القهار} الغالب على كل شيء.


{أَنزَلَ مِنَ السماء مَآءً} من السحاب أو من جانب السماء أو من السماء نفسها فإن المبادئ منها. {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ} أنهار جمع واد وهو الموضع الذي يسيل الماء فيه بكثرة فاتسع فيه، واستعمل للماء الجاري فيه وتنكيرها لأن المطر يأتي على تناوب بين البقاع. {بِقَدَرِهَا} بمقدارها الذي علم الله تعالى أنه نافع غير ضار أو بمقدارها في الصغر والكبر. {فاحتمل السيل زَبَدًا} رفعه والزبد وضر الغليان. {رَّابِيًا} عالياً. {وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِى النار} يعم الفلزات كالذهب والفضة والحديد والنحاس على وجه التهاون بها إظهاراً لكبريائه. {ابتغاء حِلْيَةٍ} أي طلب حلى. {أَوْ متاع} كالأواني وآلات الحرب والحرث، والمقصود من ذلك بيان منافعها. {زَبَدٌ مّثْلُهُ} أي ومما يوقدون عليه زبد مثل زبد الماء وهو خبثه، و{مِنْ} للابتداء أو للتبعيض وقرأ حمزة والكسائي وحفص بالياء على أن الضمير للناس وإضماره للعمل به. {كذلك يَضْرِبُ الله الحق والباطل} مثل الحق والباطل فإنه مثل الحق في إفادته وثباته بالماء الذي ينزل من السماء فتسيل به الأودية على قدر الحاجة والمصلحة فينتفع به أنواع المنافع، ويمكث في الأرض بأن يثبت بعضه في منافعه ويسلك بعضه في عروق الأرض إلى العيون والقنى والآبار، وبالفلز الذي ينتفع به في صوغ الحلى واتخاذ الأمتعة المختلفة ويدوم ذلك مدة متطاولة، والباطل في قلة نفعه وسرعة زواله بزبدهما وبين ذلك بقوله: {فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَاءً} يجفأ به أي يرمي به السبيل والفلز المذاب وانتصابه على الحال وقرئ جفالاً والمعنى واحد. {وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس} كالماء وخلاصة الفلز. {فَيَمْكُثُ فِى الأرض} ينتفع به أهلها. {كذلك يَضْرِبُ الله الأمثال} لايضاح المشتبهات.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8